على جمعيات النفع العام والنقابات المهنية أن تسعى لزرع ثقافة التحكيم كاطار قانوني يمكن الاعتماد عليه
على أبواب التنمية لا بد من تشجيع التحكيم بكل أنواعه ليكون عامل تشجيع لاستقطاب التكنلوجيا ورؤس الأموال للاستثمار
رئيس مجلس إدارة جمعية المهندسين الكويتية
م. فيصل دويح العتل :
– عضو هيئة تدريب في معهد التدريب المهني.
– بكالوريوس الهندسة الكهربائية ديسمبر 2002 من جامعة ولاية كاليفورنيا وماجستير العلوم في الإدارة الهندسية FEB ، 2012 من جامعة سندرلاند – المملكة المتحدة.
مقدمة:
لا شك أن للنقابات والجمعيات والهيئات المهنية أهمية بالغة ودورا بارزا في عصر مجتمع المعلومات والمعرفة، وتعد جمعيات النفع العام بكافة أنواعها من بين أهم المؤسسات التي تحظى باهتمام ورعاية بالغين، اذ انها في الدول الأكثر تقدما تعتبر المتحدث الرسمي باسم العاملين والمعبر عن أفكارهم وطموحاتهم، كما انها المعبر عن اتجاهات الحكومة تجاه المجال أيضا.
فهي تتكامل مع دور المؤسسات الحكومية الرسمية المهتمة بالمجال والتي لا تستطيع بمفردها إنجار كل تطلعات المنتمين للمهنة، وتعمل بالتالي على تفعيل حركة المجتمع في هذا الاتجاه.
وبالرغم من هذه الأهمية وتلك الأدوار التكاملية التي تلعبها لم تحظ مهنة التحكيم ومنها التحكيم الهندسي بشكل أكثر خصوصية بالاهتمام وكثرة الدراسات بالإنتاج الفكري العربي على وجه التحديد، كتلك التي حظيت بها الدراسات القضائية والحقوقية وإجراءاتها ومحتوياتها وحتى ممتهنيها.
لذا فان هذه ا المقال وهو بالأساس ورقة قدمتها في مؤتمر”التحكيم العربي الحاضر والمستقبل بالقاهرة ينطلق من مشكلة أساسية وهي غياب او ضعف دور العديد من الجمعيات والنقابات والهيئات المهنية العربية، وفي هذا السبيل تهدف الورقة التركز بشكل أساسي على استقراء أهمية الجمعيات المهنية كركائز في بناء المجتمعات، وما بهذه الكيانات المجتمعية من نظم مؤسسية تتكامل من اجل توافر بنى تحتية وفوقية بما فيها من رأس مال فكري وبشري، والاستفادة منها في تحليل تلك الأدوار الغائبة بالجمعيات الحاضرة، من اجل الوصول لتأطير رؤية مستقبلية عربية ووطنية تساند في بناء مجتمعات عربية معرفية.
ولعل السؤال الذي يتبادر للأذهان ما هو الدور الذي من الممكن ان تقدمه الجمعيات المهنية والنقابات في دعم مراكز التحكيم العربية، كمؤسسات لمجتمع مدني تسهم في دعم وبناء مجتمع عربي معرفي بالصورة التي ينبغي ان تكون؟ اذ انها تلعب دورا مهما في حياة المهنة فهي لسان صوتها والمتحدث باسمها والمدافع عنها.
لاشك ان الإجابة على مثل هذا السؤال توضح ما إذا كان المجتمعات العربية في حاجة لمثل هذه المراكز والمؤسسات وأهميتها في تلك المجتمعات، اذ انها لم تحظى باهتمام كبير باعتبار انها شي حديث مثل تلك التي حظيت بها الدراسات الحقوقية والقضائية. خاصةً وانها تمثل بيئة خصبة لمن يريد التثقيف والتطوير، كما أنها تمثل في ذات الوقت مصدرا للعدالة الناجزة .
لذا يجب الاهتمام بها والعمل على تطويرها، والاهتمام بها يعتبر من أهم الموضوعات التي يجب أن تحظى باهتمام الجمعيات والنقابات المهنية ، باعتبار أن التطوير والتحديث للمهنة من العوامل الهامة التي تساعد على تنوير أكبر عدد من المنتمين لهم .
فالجمعيات والنقابات والهيئات المهنية في العديد من البلاد المتقدمة المتحدث الرسمي باسم العاملين في كل في مجاله والمعبر عن أفكارهم وطموحاتهم، كما تعتبر بعض هذه الجمعيات المعبر عن اتجاهات الحكومة تجاه المجال أيضا. إلا أن الغالب في هذه الجمعيات هو كونها جمعيات طوعيه ترمي إلى استكمال دور المؤسسات الحكومية الرسمية المهتمة بالمجال والتي لا تستطيع بمفردها إنجاز كافة تطلعات المنتمين للمهنة وتعمل بالتالي على تفعيل حركة المجتمع في هذا الاتجاه. ومن الجدير بالملاحظة انه يوجد تجانس في أهداف مراكز التحكيم في العالم تجانسا كبيرا مع أن بعضها يٌفصلها تفصيلا واضحا، إلا أنه يمكن تلخيص الأهداف العامة في هدفين :أولهما نشر ثقافة التحكيم . وثانيهما تعميق وتأثير المهنة وتقديم خدمة الوسائل الغير قضائية كالتحكيم والوساطة وغيرهما ، لحل المنازعات الفنية المتخصصة بالمجتمعات .
العمل التطوعي في الجمعيات المهنية والتحكيم:
واذ ما عرجنا على جمعيات النفع العام العربية والنقابات المهنية نجد إنها جزء من مؤسسات المجتمع المدني، وعلى الرغم من تزايد عدد مؤسسات المجتمع المدني العربي يبقى جل عملها مبعثرا ومتعثرا حيث لم تتمكن حتى الان من تأكيد حضورها وتحقيق أهدافها بالصورة التي ينبغي ان تكون، وان أول سمة بارزة لهذه المؤسسات انها تواجه معاناة مزدوجة، فهي من ناحية مؤسسات أهلية وتطوعية وغير حكومية وتعتمد في الأساس على مواردها الذاتية وتسعى لتأكيد استقلاليتها بعيدا عن الدعم الرسمي، كما أنها من ناحية ثانية مؤسسات عابرة لأوطانها وتتجاوز محليتها وتعمل على الصعيد القومي ومن منطلقات عروبيه ووحدوية خالصة.
ولا يخفى على المتأمل لعبرة التاريخ وخبرة الممارسة ان فكرة العمل التطوعي تكون أكثر فاعلية عندما تتبلور في شكل مؤسسة ذات قدرة على البقاء والتجديد والابتكار على نحو يمكنها من الإسهام في تلبية الاحتياجات الاجتماعية المتجددة والمتغيرة، كما يتضح من التاريخ الاجتماعي لمنظومة العمل التطوعي الإسلامي انها قائمة على مبادئ قد بلورتها الممارسات والتجارب المهنية في اطر مؤسسية وفق استقلالية إدارية ومالية بعيدة عن سيطرة وتحكم أجهزة الدولة الحكومية، الا انه مع تطور أساليب الحياة والعمل فانه ثمة حاجه ملحه لتعميق المعرفة بمنظومة العمل التطوعي من المنظور الإسلامي ومع السعي في الوقت نفسه لتجديد الوعي بأهمية هذه المنظومة ومكوناتها خصوصا مع تزايد الاهتمام العالمي بهذه الفئة المؤسسية، اذ انه من منظور إسلامي يعد الانفتاح على تجارب الآخرين والاستفادة من انجازاتهم والتعلم من ايجابياتهم سعيا للمعرفة من اجل بلوغ الهدف الرئيس وهو الارتقاء بالمهنة فكلما كان الاطلاع على أفكار الآخرين وتجاربهم اطلاعا واعيا ونقديا كان أكثر جدوى وأعظم نفعا في دعم البناء والتقدم والتأصيل العلمي.
أهداف الجمعيات المهنية:
في الواقع يوجد عدد من الجمعيات المهنية في العالم العربي لا تختلف في أهدافها عن أهداف مثيلاتها في العالم المتقدم على المستوى النظري على الأقل.
– الجمعيات المهنية الدولية كركائز لبناء المجتمعات .
في هذا المنعطف من المفيد استقراء أهمية الدور التنويري والتثقيفي والبحثي الذي تلعبه الجمعيات اوالنقابات والهيئات المهنية في العالم، الأمر الذي يمتد تأثيره إلى كافة أرجاء المجتمع، وبغض النظر عن الكثرة أو الكفاية العددية لها في دول المنطقة العربية فإن الواقع يشير إلى أنها لا تقوم بأدوارها على النحو المأمول – هذا إن كانت تقوم بدور أصلاً- في حين يلاحظ القارئ المدقق لأدوارها على المستوى العالمي تميزها بغزارة الإنتاج العلمي وعمقه في قضايا حيوية بالنسبة للمجتمعات التي تعمل فيها، فإن ثمة أسباباً لا تعود بالضرورة إليها في حد ذاتها وإنما إلى البيئة المحيطة التي تعمل في إطارها.
بمعنى أكثر دقه هنالك عدد كبير من الجمعيات على مستوى العالم حيث يقوم بعضها على الأساس الوطني أو الإقليمي أو العالمي أو الموضوعي أو القطاعي. وقد حققت كثير من تلك الجمعيات نجاحات متعددة في مختلف المجالات. حيث تعتبر الجمعيات المهنية في أي بلد الشخصية الاعتبارية التي تمثل المنتمين إلى المهنة من أجل تطويرها بمعطياتها المختلفة.
حيث تلعب الجمعيات المهنية دورا بارزا في تشجيع وتعزيز القيادة في الحياة الوظيفية وتحسين الخدمات المقدمة، من خلال المهارات القيادية في المهن المختلفة، اذ يستوجب على القادة الناجحين بالجمعيات المهنية وضع أهداف قصيرة وطويلة الأجل مع قابليتها للتنفيذ. وتطوير برامج فعالة، وتقييم وإعادة هيكلة منظماتهم حسب الحاجة، ووضع سياسات سليمة لتوجيه إدارة العمل التحكيمي لديها ، والعمل على كسب ودعم المستفيدين ، وهنا يصبح من واجب القيادات بالجمعيات والنقابات المهنية التوجيه نحو صقل المهارات بما يتوافق مع متطلبات العصر المهنية ومن ثم القبول بتخطي التحدي والتحول بدور منتسبيها ليكونوا محترفين في المحافل العامة .
جمعية المهندسين الكويتية والتحكيم الهندسي:
تعتبر جمعية المهندسين الكويتية ( جمعية نفع عام ) – والتي من أهم أهدافها : المساهمة في النهضة الصناعية والعمرانية في البلاد، المحافظة على حقوق المهندسين ومصالحهم المهنية المشروعة ، تنظيم قواعد مزاولة المهنة ورفع مستواها العمل على توطيد الصلات وتوثيق التعاون العلمي والفني بين المهندسين في الكويت وزملائهم في الدول العربية والأجنبية، تشجيع القيام بالأبحاث الهندسية ووضع مواصفات هندسية عربيةبالاشتراك مع المؤسسات والهيئات المعنية ، السعي إلى حل الخلافات التي تقع بين المهندسين أو بينهم وبين عملائهم فيما يتعلق بالأعمال الهندسية ، تشجيع التدريب المهني والهندسي في الكويت بمختلف الوسائل المتيسرة – التحكيم منذ نشأتها في 20/11/1962 وذلك من خلال لجنة التحكيم والتي كانت تعمل من خلال مظلة اللجنة الفنية بالجمعية ، وقد نهضت لجنة التحكيم خلال تلك الفترة بدورها وأدت مهامها التي تمثلت في :
1- التحكيم في كافة المنازعات التي ترد للجنة .
2- تدريب وتأهيل المحكمين للوقوف دائما على احدث ما وصل إليه عالم التحكيم .
3- إنشاء جداول للمحكمين المعتمدين لدى جمعية المهندسين .
وقد نظرت اللجنة خلال هذه المدة الطويلة العديد من القضايا وحلت العديد من المنازعات من خلال التحكيم وقد وفّر ذلك على كافة الأطراف المتنازعين الوقت والجهد والمال .
ثم بعد ذلك استقلت لجنة التحكيم عن اللجنة الفنية بموجب قرار مجلس إدارة الجمعية رقم (98/10) الصادر بتاريخ 17/8/1998 واستمرت في تأدية نفس الدور المسند إليها بل توسعت في ذلك فنظمت عددا كبير من دورات التدريب للمحكمين واستضافت أعلاما في عالم التحكيم لتدريب المحكمين الكويتيين وتخريج جيل من المحكمين المتميزين القادرين على حمل لواء التحكيم في الكويت ، بالإضافة إلى أنها فصلت في العديد من المنازعات .
ومواكبة من مجلس الإدارة لخطة التنمية التي تبنتها حكومة دولة الكويت ، وإعلانها الكويت مركزا ماليا ، فقد استعدت الجمعية لهذا التحول على عدة محاور كان التحكيم المؤسسي احدها ، لا سيما وان خطة التنمية تبنت دعم الوسائل غير القضائية والتحكيم.
التحكيم بجمعية المهندسين والتنمية:
ونشأت غرفة الكويت للوساطة والتحكيم الدولي كثمرة مباركة لشراكة مهنية بين جمعية المهندسين الكويتية والهيئة العربية للتحكيم الدولي ( باريس ) لتأسيس جهاز مهني مستقل لتقديم خدمة الوسائل الغير قضائية كالتحكيم والوساطة وغيرهما ، لحل المنازعات الفنية المتخصصة في دولة الكويت ، وللمساهمة في تأهيل كوادر فنية محترفة للعمل في هذه المجالات ، وهي ابتداء كيان غير ربحي .فكانت الرؤية نحو مؤسسة وطنية رائدة ذات معايير دولية في مجال تسوية المنازعات تحت مظلة العدالة ، والرسالة تعزيز ثقافة ودور التحكيم في المجال العدلي ، وتأهيل الكوادر المتخصصة وفق المعايير الأخلاقية والمهنية.والهدف الرئيس تنسجم الغرفة مع جاء في رؤية الدولة من :” تحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار “.وما جاء في الأهداف الاستراتيجية للتنمية حتى عام 2035 الهدف الثاني على أن:-
” أن القطاع الخاص يقود التنمية وفق آليات محفزة : ” تطوير الأطر التشريعية التجارية والاقتصادية .. بما يواكب التطورات والمعايير العالمية…”
تجد الغرفة دورها التنموي فيما ورد فى خطة ” دعم نظم إقرار العدالة وسيادة القانون في المجتمع في ظل الاحترام الكامل للدستور، وتطوير النظم الموازية للتقاضي مثل نظم التحكيم والاستشارات الأسرية لسرعة البت في القضايا، بما لا يخل بمبدأ سيادة القانون “. ومن أهدافها :
1- نشر ثقافة التحكيم والوسائل غير القضائية كوسائل تساهم في تنمية المجتمع والدولة .
2- رفع كفاءة واعداد المحكمين والوسطاء والخبراء .
3- رفع مستوى صياغة العقود وادارة المشاريع .
4- دعم المعايير الأخلاقية لعمل المحكمين والوسطاء والخبراء .
5- المساهمة في حل مشكلة طول أمد التقاضي .
6- تشجيع الاستثمارات الوطنية وجذب الاستثمارات الاجنبية .
اختصاصات الغرفة:
1- تنظيم أعمال تسوية المنازعات.
2- تسجيل وتصنيف وتأهيل وتدريب واعتماد المحكمين.
3- وضع قواعد إجراءات التحكيم التي تتبعها هيئات التحكيم، وكذلك قواعد وإجراءات التوفيق والوساطة بما لا يتعارض مع القوانين السارية .
4- إعداد قوائم بالمحكمين المعتمدين لدى الغرفة.
5- تعيين المحكم أو المحكمين أو الوسطاء بموجب لوائح الغرفة.
6- حفظ الوثائق وأحكام هيئات التحكيم وتبليغها للأطراف المعنية.
7- تقديم الاستشارات وإعداد البحوث والدراسات القانونية للدولة وللقطاع الخاص.
8- تنظيم الندوات والمؤتمرات والدورات التدريبية المتخصصة.
9- إصدار النشرات والدوريات المختلفة المتخصصة في شئون التحكيم وغيرها.
10- تمثيل الجمعية لدى مراكز وغرف التحكيم العربية الداخلية والدولية.
التحكيم التجاري ضرورة اقتصادية للوطن:
وكلما استحضرنا التفسير الموسع لمصطلح التجارة الدولية، والذي اعتمدته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي وتبنته العديد من الإتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية، أدركنا وجود عقود دولية جديدة على الفكر القانوني عجزت عن مسايرته القواعد الوطنية بسبب إثارته لمشكلات تنازع القوانين، وهو ما دعا الى الإتجاه العالمي نحو الإلتجاء للتحكيم لفض النزاعات التي تثيرها تلك العقود، والذي تبنته الدول الغربية منذ أمد بعيد بما جعل لديها مؤسسات رائدة وعريقة في ذات المجال، ونظراً لإدراج شرط التحكيم في أغلب العقود سواء تلك التي تتم بين أشخاص أو مع الدولة ، في ظل عدم وجود عناصر متخصصة وكوادرمؤهلة في ذلك المجال هو ما أدى إلى ضياع حقوق الدولة وإهدار أموالها، وبالتالي فدعم مؤسسات التحكيم الوطنية أصبح أمراً لازماً في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، حيث أن واقع التجارة الدولية يتسم بإختراق الحدود وتجاوزها إلى جانب فرض قضاءه الخاص وهو التحكيم.
دور الغرفة في الدعم غير المباشر لأنشطة الدولة المختلفة:
1. تقوم مؤسسات التحكيم تأهيل الأفراد للعمل في مجالات التحكيم على يد كبار المتخصصين في الوطن العربي بما يهدف إلى تخريج كوادر مؤهلة على مستوى عال بما يحافظ على حقوق الدولة وأفرادها.
2. السعى نحو تفعيل الوسائل الأخرى البديلة كالوساطة والتوفيق والخبرة الفنية.
3. وضع القواعد الخاصة بالتحكيم والمستمدة من القواعد الدولية بشكل يتوائم وينسجم مع القوانين والتشريعات الوطنية للحفاظ على مصالح الدولة ومؤسساتها المختلفة تجاه الشركات الدولية .
4. أعداد قوائم من المحكمين المعتمدين الموثوق في قدراتهم في مجال التحكيم التجاري الدولي.
5. تقديم الإستشارات التحكيمية للدولة وأجهزتها المختلفة .
6. السعي لإدارج شرط التحكيم النموذجي الخاص بها من أجل الإشراف على النزاعات التي تربط الدولة أو الأفراد مع الشركات الأجنبية لما لإدارتها خبرة كبيرة وواسعة في ذلك المجال.
تفعيل الطرق البديلة لفض النزاعات داخلياً وخارجياً:
(مشكلة التقاضي ، بطء الإجراءات ، من المعروف في وقتنا الحالي ان بطء إجراءات التقاضي أصبحت مشكلة بالغة الصعوبة في أغلب دولنا العربية، بل وتشكل خطراً يحدق بالمجتمع، فتتضمن تعقيدات إجرائية وإطالة دون داع للنزاع وضياع وقت وجهد ونفقات المتقاضين من أجل الحصول على حكم عادل نافذ، وهو ما يعد ظلم جلي واضح في حق الأفراد.
ولا شك أن أول ما يبحث عنه المستثمر لانتقاء الدولة التي ترعى أمواله على مدار حياة المشروع هو النظام القانوني لتخوفه من أحكام القضاء الوطني التي قد تقف أمام استثماراته إما لعدم وعيه بأحكامه أو قد تكون عدم ثقة في ذلك القضاء لاسيما في حالة البلاد النامية ، بالإضافة إلى البطء المعتاد في إجراءات التقاضي والتي لا تتناسب البتة مع طبيعة المعاملات التجارية التي تكون السرعة أحد أهم مكوناتها.
وتلك الاسباب جميعها تشكل عدم موافقة القانون للعدالة فالعدالة البطيئة ظلم واضح، يؤثر على المواطنين والمستثمرين المحليين داخلياً وعلى المستثمر الأجنبي خارجياً، وهو ما لا يتوافق مع مفهوم سيادة القانون بالمعنى الجوهري له أو مع ما يتصل به من مباديء الديموقراطية وتعزيز دولة القانون.
وبالنظر إلى النظم القانونية التي تقييد من اللجوء للتحكيم او الوسائل البديلة الأخرى، أو اتجاهات القضاء نحو التوسع في أعادة النظر في حكم المحكمين بتفسير نطاق إعمال شروطها على نحو موسع بما يلحق البطلان بأغلب الأحكام الصادرة بشأنه والعجيب في الأمر ان هناك اتجاهات قضائية تضيق الخناق على اللجوء إلى التحكيم بإعتباره الحل الأمثل لمواجهة تلك المشكلة وحلها من الناحية الإقتصادية، أحكام التحكيم بما يساهم في تعقيد المسألة
نتائج:
يقع على عاتق المؤسسات الحقوقية وجمعيات ونقابات مهنية عبء نشر ثقافة الوسائل البديلة لفض النزاعات وخوض غمار العمل بها من أجل تحقيق صالح الأفراد وانعكاسه على الدولة من كافة النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وعلى الدولة درو جوهري في تخصيص جزء من الدعم المادي الوارد لها أو الصادر منها على حسب في دعم مؤسسات التحكيم التجاري باعتبارها آليات تهدف إلى تطبيق العدالة داخل المجتمع شأنها شأن مرفق القضاء بالدولة.
فدولة المؤسسات التي تكون فيها السلطة القضائية مستقلة وبعيدة عن أي تأثير، تقوم جنباً إلى جنب مع مؤسسات التحكيم لإقامة عدالة ناجزة يحملون عبئها سوياً لتضطلع كل منهما بدورها كضمانة لحماية الحريات الفردية والجماعية، وإقامة العدل في المجتمع، في ظل المساواة وسيادة القانون.
ونحن نتطلع للمستقبل ويحدونا الأمل على مستوى المنطقة العربية بشكل عام، وعلى المستوى المحلي بشكل خاص، لان يكون وزن المراكز والمؤسسات التحكيمية في ظل الجمعيات والنقابات والهيئات المهنية العربية بمثل حجم المراكز الأجنبية المعروفة، كما يجب ان تكون أعمال ومناشط الجمعيات المهنية أكثر نضجا ومن شأنها الرقي بالمهنة من خلال قوة تأثيرها، لاشك ان الجمعيات المهنية تستمد قوة نفوذها من تاريخ وثقافة البلد لان تعد هذه الجوانب من بين المتغيرات أو العوامل الهامة في وضعها الراهن وتوجهات نموها وتقدمها في المستقبل، اذ ان تأثير التنظيم وصلته بتنظيمات دولية يعد غاية في الأهمية في الانتساب إليه واخذ العضوية
اذ ان الانتماء للجمعيـات المهنية تعـد بمثابة طـوق النجاة من الطوفان بفعل التغيرات المجتمعية ليس فقط للأمان، فحسب وإنما من اجل ضمان المحافظة على استمراريتها وجعل مهارات وقدرات مخرجاتهم ملبية لسوق العمل بالمجتمع.
ومن المفيد التذكير بان ظهور الجمعيات والروابط المهنية يرجع من الناحية التاريخية للقرون الوسطى، ويتجسد في مطالب المتخصصين أنفسهم ورغبتهم في إثبات هويتهم ومكانة مهنتهم بداخل المجتمع، إضافة لخدمات تقدمها للمؤسسات ذات العلاقة تتمثل في استصدار ونشر وتنفيذ أو تطبيق المعايير العلمية، وجعل التعليم مستمر وتنظيم المؤتمرات بحيث يتسنى مناقشة القضايا والبحوث وتعزيز المنح الدراسية إضافة لتوفير الدوريات لنشر البحوث والمعلومات المهنية ، كذلك ممارسة الرقابة على العاملين بمرافق المعلومات، ويعد النشاط الرئيسي للجمعيات المهنية هو مناقشة القضايا المهنية، الا ان المشاركة ليست إلزامية
وان مثل هذه التجمعات من شأنهـا السماح للمراكز التحكيمية وتفهـم المخـاوف والمشاكل واستيعابها ومن ثم البحـث عن حلـول لها، بمعنى أكثر وضوحـا ان الجمعيات تعد منظمات تطوعية كما سـبـق واشرنا ، لها دورا فعـالا في خلق ثقافة مهنية كمصدر للتوجـه نحـو العمـل المشترك، لمناقشة تحـديات و الصعاب المهنية والسيطرة عليها ببليوغرافيـا بطـرق الالكترونية وغير من الشواغـل المهنية التي يتم مناقشتها على نطـاق واسـع يضم كافـة ، عـلاوة على تسهيـل الاتصالات على النطـاق الدولي بين الجمعيـات ذات الصلة.
في هذا المقام الختامي لابد من الاعتراف والتسليم بان دول المنطقة العربية بحاجة لتطوير العمل المؤسساتي وتغليبه والابتعاد عن الفردية في الأداء وتفعيل التعاون بين الجمعيات والنقابات والهيئات المهنية والمؤسسات العاملة في مجال التحكيم على أن يكون الهدف الاسمي هو نشر الثقافة التحكيمية وتطوير المهنة ودعم المتخصصين . وحتى تنجح مثل هذه المشاريع فإن هنالك مقومات كثيرة يجب توفرها وأهمها الرغبة لدى الأفراد ، وفق منظومة العمل الجماعي ووفق قواعد وقوانين العمل المؤسساتي مع تفعيل ومقاومة الضغوط بالشفافية والوضوح في الأهداف لاشك عندئذٍٍ سينضم الجميع للركب وذلك لسلامة الهدف وسلامة المنهج.
وذلك بالمشاركة في أنشطتها ودعم برامجها، بالرأي والتوجيه السديد والخبرة بالممارسة لاعتماد برامج التدريب والتطوير المهني وإرساء دعائم ثقافة التحكيم واعتماد البرامج الأكاديمية المتخصصة.
توصيات نصل إليها:
1. اتجاه الدولة والمنظمات الحقوقية وجمعيات المهنية والنقابات إلى نشر ثقافة الطرق البديلة لفض النزاعات المدنية والتجارية كالوساطة والتحكيم والاتفاق على شروط عامة يجب توافرها في الوسطاء والمحكمين بما يضمن مؤهلاته وقدراته في نظر القضايا الموكلة إليه.
2. العمل على إرساء الأنظمة اللازمة بتهيئة الوسائل البديلة لحل المنازعات.
3. تخصيص المساعدات الإنمائية الداخلية لإقامة نظم قضائية بديلة وفعالة.
4. تضييق إتجاه القضاء إلى التوسع في تفسير حالات رفع دعاوى بطلان أحكام المحكمين.
5. ايجاد نظام عربي موحد للتحكيم التجاري يأخذ مكانه بين أنظمة التحكيم العالمية والإقليمية.
هذا المقال : ملخص لورقة عمل قدمها الكاتب في المؤتمر المهني الأول للتحكيم
“التحكيم العربي الحاضر والمستقبل بالقاهرة من 12-14 أكتوبر2017”