بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد ،،
باسمي شخصيا وباسم زملائي في مجلس ادارة جمعية المهندسين الكويتية اشكر لكم دعوتنا للمشاركة في هذه الورشة ، التي نتمنى لها التوفيق ومامن شك في أنها ستكون خطوة جادة في الارتقاء بعمل الهيئة على طريق مكافحة الفساد في البلاد.
ورغم أن هذه الورشة معنية بشكل أكبر بالجانبين التشريعي والقانوني ، إلا أننا رأينا أنه و لزاما علينا كمهندسين أن نشارك ونضع بعض الأمور الفنية التي نرى أن المشرع أو أن القانون يجب أن يلتفت لها ويسد الثغرات التي قد تفتح أبوابا للفساد في خال عدم إغلاقها وسدها عبر القانون.
أولا : الدورة المستندية وتشعبها وتشابك الاختصاصات فيها:
هذا واحد من أكبر الثغرات في أنظمتنا وقراراتنا وربما قوانينا بمجال المناقصات وتنفيذ المشاريع في الدولة بشكل خاص وفي بعض المشاريع الخاصة. ولذك فإننا نحتاج ما يلي لتقليص هذه الدورة المستندية أو جعلها أكثر فاعلية :
1- تحديد دور الجهاز التنفيذي في المشاريع بشكل واضح ( وهو هنا يلعب دور المالك).
2- تفعيل الميكنة والزام الجهات الحكومية ( المالكة ) بها على الأقل في المشاريع وخطوات الدورة المستندية .
3- نشر كافة الاشتراطات والمتطلبات للجهات الحكومية وفي كل مشاريعها عبر المواقع الإلكترونية وجعلها متاحة علىالدوام للراغبين في الاطلاع عليها .
4- إعادة العمل بنظام المسابقات الهندسية وإعادة العمل به لكل المشاريع الحكومية وجعله متاحا لكل الجهات الحكومية.
5- ايقاف الاستثناءات الممنوحة لقيام بعض الجهات الحكومية لتنفيذ مشاريعها بدءا من دراستها وترسياتها وتنفيذها والاشراف عليها بالاتفاق مع مكاتب هندسية أو شركات مقاولات عالمية ، واحصاء هذه الجهات ومنها على سبيل المثال ، الجامعة ،الرعاية السكنية ، التقدم العلمي وغيرها .
6- وقف العمل بنظام التصميم والاشراف والتنفيذ Design &bullie ، الذي تقوم من خلاله الكثير من الجهات الحكومية بتنفيذ مشاريعها ، وهو نظام لا يصلح الا للمشاريع النمطية.
ثانيا – عدم وجود قانون للمهنة الهندسية :
تتم مزاولة المهنة الهندسية في البلاد من خلال لوائح وقرارات وزارية في اطار وزارة الدولة لشؤون البلدية ، فهناك لائحة لمزاولة المهنة الهندسية تشرف على تنفيذها لجنة مزاولة المهنة الهندسية ببلدية الكويت والجمعية عضوا فيها كما أن اتحاد المكاتب الهندسية عضوا فيها ، وهذا يجعل مزاولة المهنة الهندسية بعيدة عن المسائلة القانونية ، هي مسائلة تنظيمية تقوم بها اللجنة ، ويجب أن يكون القانون معدا من قبل الجمعية وبالتعاون مع اتحاد المكاتب والبلدية والأشغال والاسكان وهيئتكم الموقرة وغيرها من الجهات الحكومية ذات الشأن.
فوجود قانون للمهنة الهندسية يحدد المسؤوليات ، ويضع العقوبات الرادعة يمكن أن يساهم تشريعيا وقانونيا ويحد من الفساد بالمجالات الفنية في المشاريع.
ثالثا- الزام كافة الجهات بالاسراع وبقوة القانون في تنفيذ المكننة:
وهذا يجعل العمل اليكترونيا ( تراخيص الكترونية ، اشتراطات مواصفات عمل ، طرح المشاريع وغيرها من أعمال ) ذات علاقة بكل مراحل المشاريع. فهذا يؤرشف العمل الكترونيا ويجعله متاحا على مدار الساعة امام المعنيين ، ويحد من تدخل العنصر البشري.
رابعا- العمل الاستشاري – الهندسي:
رغم أن قانون جهاز المناقصات المركزي ومنذ العام 2016 هو المعني في اختيار وتصنيف وتأهيل المكاتب الهندسية والدور الاستشارية الكويتية له ، إلا أن الكثير من الجهات الحكومية غير ملتزمة بذلك وتقوم بطرح مشاريعها على مكاتب ومقاولين عالميين بشكل مباشر ودون ضامن محلي، وكلنا يعلم أنه لا يمكن لهذه المكاتب العالمية أو شركات المقاولات العالمية أن تعمل دون شركات أو مكاتب محلية ، فتقوم هذه الشركات أو المكاتب العالمية باسناد العمل من الباطن لمكاتب وشركات كويتية مما يرفع كلفة المشاريع بنسب كبيرة قد تتجاوز 30 % أحيانا.
فنحن بحاجة الى الزام الجهات الحكومية بهذا القانون وعدم التعذر بضرورة اختصار الدورة المستندية لأسباب غير تجانب الواقع أحيانا كثيرة.
خامسا- الأوامر التغييرية :
تعد الاوامر التغييرية على عقود المشاريع الانشائية واحدا من أهم وأبرز مظاهر الهدر والاستنزاف للمال العام، وربما تفتح أبوابا للفساد ، وهي من أسباب التأخير في انجاز المشاريع وزيادة تكاليفها، التي قد تفوق في بعض الاحيان نسبة الـ 100% ،هذا بالإضافة إلى أنها تتسبب بحدوث خلل وارباك ملموسين في التخطيط للمشاريع وتحدث ارتباكا في أولوياتها.
نتيجة دراسة قدمت من قبل الجمعية أجرتها الزميلة المهندسة عالية العريان عضو لجنة مكافحة الفساد بالاتحاد الدولي في ديسمبر الماضي بروما، ويبين الشكل التالي أنواع المشاريع وفقا للدراسة أن المشاريع المؤسسية هي الأكثر عرضة للأوامر التغييرية.
كما يبين الشكل التالي أن المالك هو أكثر الاسباب لوقوع الأوامر التغييرية:
ولهذا فإننا وبمجال الحد من الأوامر التغييرية نرى أنه لا بد من القيام بما يلي:
1- وضع كودات ومواصفات محددة لكل الأعمال الانشائية تتواءم واحتياجاتنا المحلية ، فنحن لانزال نعتمد مثلا في الخراسانة على الكود الأمريكي مع بعض التعديل الطفيف وهذا يرفع الكلفة ولايلبي متطلبات البيئة المحلية.
2– تدقيق المخططات التصميمية والتنفيذية المشاريع الانشائية، ومراجعة ومتابعة التصاميم النهائية ووثائق عقود المشاريع الى جانب تدريب وتأهيل كوادر فنية للتعامل مع أي أمر تغييري ووجود خبرات وكفاءات عالية في الجهاز الفني المكلف بالمشروع في جميع مراحله (التصميم والاشراف والتنفيذ).
3- ووضع ضوابط واضحة وصارمة يتوجب تحقيقها عند اصدار الاوامر التغييرية مع تفعيل آلية تقدير قيمة الاوامر التغييرية بما يحقق تقليل كلفتها على المال العام.
4- تحميل الجهات المسببة لأي أمر تغييري مسؤوليتها ومحاسبتها مع قبل المعنيين للحد من اصدار تلك الاوامر.
5 – بناء قاعدة لأرشفة الاوامر التغييرية للوقوف على مسبباتها وتسهيل متابعتها ومعالجتها.
6- دراسة واستبعاد الاسباب المؤدية الى الاوامر التغييرية التي قد تظهر خلال التنفيذ من خلال الدراسة الشاملة والدقيقة للتصاميم و التنسيق بين الجهات المعنية بانجاز المشروع قبل طرحه للترسية، ومشاركة الجهة المستفيدة ( المالك ) بشكل أساسي في الدراسات والبيانات الفنية والمالية اللازمة اثناء طلب اعتماد المشروع ، وتحديد المسؤوليات في وثائق العقد بشكل واضح للحد من ظاهرة الأوامر التغييرية.
ختاما هذه بعض الملاحظات التي نأمل أن يأخذ بها المشرع ومعد القانون في المجالات الهندسية واخوانكم في جمعية المهندسين وكما دأبوا على مدار السنوات على استعداد تام للمساهمة معكم في وضع أية مواصفات فنية لأي قانون يحقق النزاهة التي نرجوها في كافة مشاريعنا .