توجد كواكب كثيرة آهلة بالمخلوقات ولكنها لا تتشابه مع الإنسان وبيئته
صباح الناصر : تقدمت بمشروع عام 2008 لأنشاء مرصدا للعجيري من أجل تكريمه يحتوي على متحف ومكتبه
استضافت جمعية المهندسين الكويتية مساء أول من أمس العالم الفلكي الكبير الدكتور صالح العجيري في لقاء مفتوح نظمته لجنة العلاقات العامة ، حيث تحدث إلى الحضور حول العديد من القضايا التي تشغل ذهنه، منها ” نهايةالعالم ” والتكتنولوجيا الحديثة وأثرها في التعليم والأخلاق والتربية ، كما تطرق إلى نشأة علم الفلك والكويت في الماضي ، حيث أكد أنه سعى منذ صغره لمعرفة نهاية العالم ” يوم القيامة ” ، لكنه أيقن باكرا أنه أمر لا يعلمه إلا الله .
اقتراح التكريم
استهل الديوانية وكيل وزارة الدفاع السابق الشيخ المهندس صباح الناصر الصباح بالإشارة إلى أنه قدم في عام 2008 مشروعا الديوان الأميري لإنشاء مرصدا باسم العم الدكتور صالح العجيري تكريما له يحتوي على مكتبة ومتحف ويقام في المطلاع، داعيا جمعية المهندسين إلى تبني المشروع خاصة وأن طلبة الهندسة في الكويت أقاموا تصميما له وهو جاهز، ولا يتبقى إلا تخصيص الأرض وقرار إنشائه.
ثم إبتدأ العالم الكبير الدكتور صالح العجيري حديثه خلال اللقاء ووفقا لرغبته عن أمور وصفها للأنية ، فعن الفقع قال ، لا يمكن أن يجتمع الفقع والفواكه في الكويت معا ، فالفقع هذا العام لن نراه بالكويت رغم الموسم الجيد بسبب الاستنزاف القوي والكبير للتربة في الصحراء ، وسنرى الفقع في المحميات وسور منطقة المطار فقط .
وعن نهاية العالم ، قال هذا لا واقع له رغم أنه شغل بالي منذ أن كان طفلا صغيرا وهو يسعى إلى معرفة هذا اليوم ومتى يكون وقالت له والدته أن في القدس حجرا معلقا في السماء ” قبة الصخرة” ، كل عام ينزل إلى الأرض بمقدار حبة شعير، ومن خلال بحثي استطعت أن أعرف المسافة بين الحجر والأرض وحاولت أن أعرف كم تساوي هذه المسافة بحبات الشعير ومن خلال حسابي تبين لي أن يوم القيامة يأتي بعد 300 عاما مر منها 75 عاما إلا أنني بعد أن تعلمت وكبرت أيقنت أن يوم القيامة لا يعلمه إلا الله عز وجل.
وأكد العجيري : أن ما تتحدث به بعض الحضارات أو الاعتقادات عن نهاية العالم ليست علمية ولا سند لها ، فهم يرصدون بعض الأجرام والمذنبات التي وحتى ان اصطدمت بعضها في الأرض فإن تأثيره سيكون محدودا جدا ، فالأرض ترجم يوميا وعلى مدار الساعة بالنيازك والشهب ، وأن آخر جرم أصاب الأرض بشكل مؤثر كان في 1908 حيث ضرب جرم سماوي 1200 كلم من سيبيريا ، وأن وفي حال افتراض ضرب الأرض بجرم كل 100 عام فإنها وبحسبة فلكية تحتاج إلى 1200 سنة لضرب قارة واحدة على الأرض التي تغطي المياه ثلثي مساحتها .
وحول
وقال العجيري : العلماء حول العالم لديهم الكثير من الأبحاث حول الكواكب الأخرى وهناك معلومات كثيرة تشير إلى أن هناك كواكب عليها حياة مثل كوكب الأرض إلا أن الكائنات على تلك الكواكب ليست مثل الأنسان، فالمشترى أكبر من الأرض ب1200 مرة إذا الكائنات عليه من المفترض أنها أكبر من الأنسان ب1200 مرة وحاجات تلك الكائنات أكبر من حاجات الأنسان ب1200 مرة، فهي تتشابه مع بيئتها مثلما نشبه نحن بيئتنا.
وتطرق الدكتور اإلى علم الفلك فقال دخلت إلى علم الفلك من أبواب متعددة ، وأنه بدأ متابعته الفلكية من مبدأ ” اعرف عدوك “، لافتا إلى أنه كان يخاف من الظواهر الجوية كشهب البرق والعواصف ، وغيرها ، وأنه انطلق لتعلم هذا العلم وسافر برا إلى مصر عن طريق العراق وسورية لتعلم الفلك ، حيث التقى في الشرقية بمصر بالمرحوم عبد الحميد مرسي غيث ، ومن ثم بأحد طلابه عبد الفتاح وحيد أحمد ، لافتا إلى أنه وبعد وفاة أحمد قامت زوجته بإهدائه مجموعة من كتبه لأنها كانت تقول عن هذه الكتب ” ضرتي” .
وتحدث الدكتور العجيري عن تاريخ التعليم في الكويت كيف كان فأشار إلى أن التعليم في الماضي كان تعليما من أجل العلم، وإن كان العلم في ذلك الزمان أقل شأنا مما هو عليه الآن، وكان يطلق على المدرسة الكتاب، أو الكتاتيب، وكان عبارة عن كتاب به أستاذ واحد يسمى ملا أو مطوع، وصف واحد فقط، وهكذا كانت كل المدارس، وكانت هناك مدرسة موازية تدرس بها البنات، وكان التعليم في تلك المدرسة مختلطا بين الأطفال الصغار، البنات والأولاد، وكان يطلق عليها في ذلك الزمان «الملاية»، فإذا تخرج فيها الولد، يذهب إلى الملا من أجل استكمال دراسته، والبنت عندما تنهي «الملاية» تذهب إلى البيت وينتهي تعليمها إلى تلك المرحلة.
وتناول العجيري تاريخ نشأت المباركية وبعض الحوادث التي شهدها فيها ، ومنها تعامله مع الشيخ جابر الأحمد يرحمه الله ، الذي كان قمة في التواضع ، موضحا أن هذه المدرسة انشأت بحسب رواية الشيخ يوسف بن عيسى القناعي، رحمة الله عليه، حيث قال: كنا جلوسا عام 1910 في إحدى الديوانيات نحتفل بالمولد النبوي الشريف، وكان الشيخ محمد بن جنيدل ينشد علينا قصيدة البرزنجي في مدح الرسول، ودخل علينا الشيخ ياسين الطبطبائي وسألنا: ماذا تفعلون؟ فقلنا نحتفل بمولد الرسول. فقال: ليس هكذا يُحتفَل بمولد الرسول، إنما يحتفل به باتباع أوامره واجتناب نواهيه، وهذا لا يأتي إلا من خلال تعليم الناس، وتعليم الناس لا يكون إلا بافتتاح المدارس، فقال الشيخ يوسف القناعي. دخلت كلمة افتتاح المدارس مخي، وذهبت استأذنت من الشيخ جابر المبارك، وطلب أن يستأذن له من مبارك الكبير، وأطلق عليها المباركية تيمنا بالشيخ مبارك الكبير، رحمه الله، وجلبت مواد البناء من الهند، وبنيت المدرسة المباركية، بالتبرعات من التجار والأغنياء وغيرهم، وأكثر من تبرع للمدرسة المباركية تاجر غني اسمه جاسم الإبرهيم، وكان يعيش في بومباي في الهند، وكان تاجرا للؤلؤ، ويعمل أيضا بالتجارة العامة، وتبرع بـ 15 ألف روبية في ذلك الزمان، وتم افتتاحها يوم 22 ديسمبر عام 1911، إلا أن الناس قالوا إن الافتتاح كان عام 1912، وقال الشيخ يوسف بن عيسى رحمه الله: «كوّنا مجلس إدارة للمدرسة، وكانت تحتاج إلى الكثير من اللوازم والأشياء، منها مجلس الإدارة، ولم يكن هناك دائرة معارف أو وزارة تربية أو تعليم، فقط كانت هناك المدرسة المباركية، من وجهاء البلد، وفي إحدى الجلسات اقترحت عليهم أن يدخلوا منهج اللغة الإنجليزية إلى بجانب المناهج التي يتم تعليمها، وتقريبا كلهم وافقوا إلا شخص واحد، وعندما سألناه عن السبب وراء رفضه لإدخال الإنجليزية إلى المدرسة المباركية، قال: أحد الأشخاص حضرته الوفاة وعندما قلنا له قل أشهد أن لا إله إلا الله كان يقول بالإنجليزية «no no no».
وزاد الدكتور العجيري، بعد ذلك أتوا بمدرسين من الخارج واستمرت المدرسة واستمر التعليم بها، وبعد ذلك رأى حاكم البلاد الشيخ المغفور له بإذن الله أحمد الجابر الصباح أن يتم افتتاح مدرسة مساندة لها، فأسست المدرسة الأحمدية، ونسبت للشيخ أحمد حاكم الكويت آن ذاك، وافتتحت سنة 1924 بعد 3 سنوات من تأسيس المباركية، وسارت الأمور، وفي 1936 خطت خطوة كبيرة في التعليم وكونت دائرة معارف، وتم الإتيان بأربعة مدرسين فلسطينيين، وكانت أول بعثة تعليمية تأتي إلى الكويت من الخارج، أرسلهم الحاج أمين الحسيني رئيس المجلس الأعلى الإسلامي في القدس، واستبشر الناس بهم في ذلك الوقت، وأطلق على المدرسة المباركية دائرة المعارف، وكان الضرب بالعصا في ذلك الوقت مسموحا به، وفي تلك الفترة كان هناك مدرس اسمه جابر حسن حديد كان يضرب بمسطرتين، وفي ذات مرة كان عليه تفتيش في الصباح وأتى للطلاب وبدأ يسأل من الذي لم يقص شعره، ومن لم يقص أتى في وسط حوش المدرسة، ومن لم يقص أظافره، ومن الحافي، ومن الذي يلبس وزرة، ومن ليس في جيبه محرمة، وأدخل المدرسة كلها في الوسط وقام بضرب المدرسة كلها، وتلك من الطرائف التي حدثت أيام دراستي.
وأشار إلى أنه بعد إنشاء دائرة المعارف بسنتين أنشئت مدرسة للبنات، ولم يكن لدينا في ذلك الوقت مدرسات إلا مدرسة واحدة أطال الله في عمرها، لاتزال موجودة إلى اليوم، وهي الأستاذة مريم عبدالملك الصالح، وكان عمرها في ذلك الوقت 12 سنة، ولم يكن هناك إلا هي فعملت كمدرسة نظامية، وأتوا لها بـ 3 مدرسات فلسطينيات، واستبشر الناس بالمدرسة وتحمس لها الجميع، وذهبت البنات إلى المدرسة، وكانت المدرسات الثلاث أخوات، اسمهن أخوات عودة، وكان أخوهن معهن اسمه عودة عيسى عودة، وكان محرما للأخوات الثلاث، وكان يدخل عليهن المدرسة، غير أن أولياء الأمور زاد استياؤهم من دخول عودة على بناتنا في المدرسة لرؤية أخواته المدرسات، وزاد الاستياء لدخول المدير الإداري في دائرة المعارف على المدرسات ليسلمهن القرطاسية والكتب، ولم يكن هناك إلا شخص واحد، وزاد الاستياء عندما قامت مدرسة التدبير المنزلي بإحضار البنات عند السرير وتعليمهن كيفية فرش الملاءة، وكيف تضع المخدة ويكون عليها كيس لكي لا تتسخ المخدة، وقالت المعلمة: أما إذا كان السرير ينام عليه نفران، عندها ضحكت البنات على استحياء، وذهبن وقلن لأهاليهن إن المُدرسة تقول «السرير أبو نفرين»، فذهب أولياء الأمور وأخرجوا بناتهم على الفور من المدرسة، لكن مريم الصالح أقنعت الأمهات بإرجاع بناتهن إلى المدرسة، وقام كذلك الشيخ يوسف بن عيسى بإقناع أولياء الأمور بإرجاع بناتهن، وهذا نموذج من الحالة الاجتماعية في الماضي، حتى أن أحد الآباء أخرج ابنته من المدرسة، وأخواها الاثنان كانا زميلي في المدرسة المباركية، وقالا لي تعال معنا نصبح ثلاثة لكي نقنع والدنا بإرجاع أختنا إلى المدرسة، فذهبت معهما إلى الأب وقلنا له أرجعها إلى المدرسة لكي تتعلم، فقال لنا: ماذا أقول للناس الذين عايروني وقالوا لي ابنتك تدرس «السرير أبو نفرين»، ولا رجعة لها لتلك المدرسة، وبقيت أمية، وكان عندي ذات مرة محاضرة في مدرسة بنات وعندما حكيت للتلميذات قصة السرير أبو نفرين، إلا وفتاة تخرج من الصف وتقول لي هذه الفتاة التي منعها والدها من استكمال تعليمها هي أمي حصة، وأصبحت ابنتها الآن مدرسة، أما هي فحرمت من التعليم، والآن لدينا تعليم ابتدائي وثانوي ومتوسط وجامعة، وخرجت المرأة للدراسة في الخارج، وحصلت على درجة الماجستير والدكتوراه، وأصبحت وزيرة ونائبة في المجلس، وسيدة أعمال، ونحمد الله على ما وصلنا إليه الآن من تطور في عقول الناس.